الخميس، 10 فبراير 2011

تشتري بطيخة وإلا تعرس نفس الشيء ...

بسم الله الرحمن الرحيم


تشتري بطيخة وإلا تعرس نفس الشيء ...




مدخل :


سئل سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن رؤية المخطوبة ، فأجاب – رحمه الله - :
" لا شك أن عدم رؤية الزوج للمرأة قبل النكاح قد يكون من أسباب الطلاق ، إذا وجدها خلاف ما وصفت له ... ، وهذا من محاسن الشريعة التي جاءت بكل ما فيه صلاح للعباد وسعادة المجتمع في العاجل والآجل ، فسبحان الذي شرعها وأحكمها ، وجعلها كسفينة نوح ، من ثبت عليها نجا ، ومن خرج عنها هلك " [مجلة الدعوة] .




صلب الموضوع :

جلس شخص أعرفه وأحد الإخوة من بلاد مصر العريقة -تلك البلاد التي يتميز شعبها بأمثالهم الجميلة- ودار رحى حديثهم حول الزواج وأعرافه وتقاليده ، ومع الشد والجذب والأخذ والعطاء صاح الأخ المصري قائلاً :
يا عمي الزواج عندكم في السعودية مثل اللي عاوز يشتري بطيخة هو وحظه بعد ما يفتحها !!!

صفقت بحرارة بالغة لهذا الأخ الحكيم .
وحاولت أن [أصفق] كل من يرفض أن يصفق له .

نعم هو أتى بالحقيقة رغم مرارتها .
فكم لدينا من عادات وتقاليد ومواريث في زواجاتنا لا قيمة لها أمام أحكام الشرع الحنيف والدين القويم ؟؟!!

أحد تلك العادات المتوارثة في الزواج ، ألا يرى الخاطب مخطوبته إلا نظرة التملك !!
أتعلمون ما هي نظرة التملك ؟؟

إنها النظرة التي ليس بعدها أي قرار للرجوع .
فهو لا يراها إلا في يوم زواجه ، وهنا يكون قد وقع الفأس بالرأس ، فلا رجوع ولا صوت ، وكما قيل :
ما ينفع الصوت بعد ما فات الفوت !!
وقد تكون هذه النظرة هي رصاصة الرحمة التي تطلقها تلك الزوجة على شريك حياتها فتقتل آماله وأحلامه .

لذا فنحن -في بعض الأحيان وفي بعض المناطق- نتزوج بناءً على قاعدة شراء البطيخة .
وماذا يفعل من أراد شراء البطيخة إلا أن يقلبها [يمين وشمال] ، هذا إن كان صاحب البطيخة رجلاً محترماً ، وإلا فقد يزجرك ويطردك من محل البطيخ إن أردت حتى أن تقلب البطيخة إن كان صاحب البطيخة رجلاً يحمل العادات والمواريث التي مات أصحابها من آلاف السنين !!

ومشتري البطيخة -للأسف- لا يعلم ما بداخلها ثم يدفع مهر هذه البطيخة ، ويركض مهرولاً لداره ليفتح هذه البطيخة ، وهو في حالة قد قفز قلبه من بين ضلوعه خوفاً وطمعا .
خوفاً ألا تكون [الأخت بطيخة] مناسبة له .
وطمعاً في أن يرى منها ما يعجبه .

لنأخذ الجانب الحسن من شراء هذه البطيخة ، ونقول بأنها قد أعجبت هذا المشتري ، وهنا سنصفق لصاحب البطيخة ، لأنها قد باع أجود أنواع البطيخ .
وبعد ذلك نبدأ نسوِّق لصاحبنا المحترم على بطيخاته الجميلات .
رغم أن الله رحم المشتري وستر على البطيخة من الرمي إلى الجحيم .

ولكن في الجانب الآخر قد لا تعجب هذا الرجل البطيخة ، ولا تتماشى مع ذوقه !!
حينها -أخبروني أعزائي القراء- ماذا سيفعل هذا المسكين [المغشوش] ؟؟
هل سيصبر على [شين] البطيخة ويبلع مرارتها وسوء طعمها ؟؟
[وياويله] من أطنان الأحزان والهموم والمشاكل على هـ [البطيخة الشينة] .
أم هل يحاول بصاحب البطيخ لأن يستبدل البطيخة بأخت لها أجود منها ؟؟!!

بالطبع لا و ألف لا !!
لأن البطيخة قد دخل بها [عفواً فقشها] وأصبحت ملك له .

إذن لم لا يجتمع أصحاب محل البطيخ في كل مكان ويعلنوا تطبيق الحق ، ويتكاتفوا لإنجاح سوق [بطيخهم] ؟؟
وذلك بأن لا يبيع أحدهم [بطيخته الكريمة] إلا بعد أن يريها مشتريها ويجعله على بينة من أمره .
وهنا يكون قد برأ ذمته ، ولم يغش صاحبه ، ولم يظلم [بطيخته] .
لأن البطيخة قد ترمى وتهمل ولا يلتفت لها مشتريها إن كانت على غير ما يريد .
وهنا نكون قد كفرنا بنعم الله ، ولم نوفها حقها .

إخواني ، أخواتي :
بعيداً عن سوق البطيخ ومشاكله .

لابد لنا أن نقف ضد العادة الموروثة بجهل وهي منع الخاطب من رؤية ما يدعوه لنكاح مخطوبته .
فهذا ظلم للزوج وظلم للزوجة .
وبُعدٌ عن الهدي النبوي ، ففي حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله تعالى عنه- قال: خطبت امرأةً فقال لي رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- : " أنظرت إليها ؟ " ، قلت : لا ، قال: " فانظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينكما " .
أي: تدوم المودّة والألفة بينكما .

قال ابن قدامه في المغني :
" لا نعلم بين أهل العلم خلافا في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها " .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله -في شرحه الممتع- :
" إن ظاهر السنة أن النظر إلى المخطوبة سنة ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر به وقال: " فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " ، أي : يؤلف بينكما " .

فللخاطب أن يرى الوجه والكفين واليدين وقدمي خطيبته ورأسها ، وله -أيضاً- أن يتحدث معها بلا خلوة .

ولا مانع أن الخاطب يتراجع عن خطبته إن لم تعجبه المخطوبة -إن كان صادقاً في خطبته- ، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
" لا جناح على أحدكم إذا أراد أن يخطب المرأة أن يغترها فينظر إليها فإن رضي نكح وإن سخط ترك " .




نقطة آخر السطر :

أعجبني أحد الرجال [وكثير ماهم] بتصرفاته الرجولية .
حيث إنه يشترط عند زواج أحد أخواته أن ينظر الزوج لها .
ويقول :
في حالة أن الزوج رفض الرؤية ، فأنا أوصيه بشدة أن يراها ، وأذكره بهذه السنة وبعواقب النظر للمخطوبة وعدم النظر لها .
فإن تنازل فقد أسقط حقه ، وبرئت ذمتي .

فشكراً لك صديقي فأنت حقاً رجل أفتخر به وبعقليته الفذة وبحرصه على العدل وعدم الظلم وتطبيق هدي نبيك -عليه السلام- .


محبكم / يوسف بن عامر الدهمشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق